كيف تصمم مساحة عمل مرنة مستعدة التغييرات؟
واجهنا خلال السنوات الثلاثة الماضية تحديات كثيرة بسبب انتشار جائحة كورونا. أثرت هذه التحديات على الطريقة التي نعيش بها ونعمل ونتفاعل مع بعضنا البعض. اليوم وبعد انحسار هذه التحديات تدريجيًا نحن بحاجة إلى إعادة التفكير في تصميم المكاتب وتأثيثها وفقًا للتغيرات ولمواكبة الاحتياجات العصرية للموظفين.
في هذه التدوينة سنشارك معكم مجموعة من النقاط الذكية التي يجب أخذها بعين الاعتبار عند تصميم بيئة عمل مبدعة جديدة ومستدامة.
قد تكون هذه الأولويات مرتبطة بأهداف المنشأة بشكل عام، أو أهداف العمل، أو أهداف الموظفين، أو مزيج منها كلها. والسؤال المهمّ لتصميم مساحة مكتبية ناجحة: ما هو شكل المكتب النموذجي؟ هل سيكون مجموعة مكاتب منفردة مع مساحات اجتماعات؟ أو مساحات عمل مفتوحة؟ تصميم المكتب سيعتمد بالكامل على شكل التفاعل المثالي في المنشأة وكيفية عمل الفرق داخلها. هل يقضي الموظفون جزء كبير من وقتهم في العمل سوية؟ أو أن مهامهم تتطلب التركيز الشديد والهدوء؟
أي عملية تحسين أو إعادة تصميم لمساحة العمل المكتبي لا تتم دون مساهمة العنصر البشري. في هذه الحالة يمكن للمنشأة قطع منتصف الطريق في خطة العمل دون الحاجة لإعادة التصميم وصرف الميزانيات الضخمة كل عدة أشهر. بمجرد مشاركة الموظفين الأفكار التصميمية وخطة العمل والحصول على مرئياتهم بحسب ما يرونه بشكل يومي في عملهم سيتم التوصل للنموذج المثالي!
وإذا كانت فكرة مشاركة-استطلاع رأي مع الموظفين مثلا- تقليدية، يمكن لمسؤولي التصميم جمع البيانات من خلال مراقبة العمل. أين تظهر الكثافة الأكبر لتواجد الموظفين؟ كيف يقضون ساعات عملهم؟ هل المكاتب والكراسي مريحة ومرنة؟ ماذا عن مساحات الاستراحة والترفيه؟ إن متابعة هذه المقاييس يساهم في تحقيق أفضل تصميم للمكان بما يتناسب مع وضع المنشأة الحالي وموظفيها.
إذا تعلمنا شيء وحيد من الفترة الماضية والتحول العالمي الذي شهدناه سيكون: الاستعداد للتغيير السريع والمرونة. هذه الأمور تتحقق إذا كنا لا نخشى التجربة والاكتشاف. قد يكون التصميم التقليدي للمكاتب سمة ملازمة للمنشأة، لكن ماذا لو انطلقت في اتجاه مختلف ومعاصر؟
هذه اللحظة مناسبة جدًا للتخلص من جمود التصميم التقليدي للمكاتب والتي لا تراعي راحة الموظف وإنتاجيته بالضرورة بس تكتفي بملء المساحات بأكبر قدر ممكن من قطع الأثاث. سيكون هدف التجربة والاكتشاف النهائي: التجديد والابتكار، وهذا كافي لبث الحماس لدى الموظفين وتحفيزهم عند العودة للمكاتب من جديد.
إن إعادة تصميم المساحات المكتبية لا يعني بالضرورة الهدم والتخلص من الأثاث المكتبي السابق فهو يتناقض مع مبدأ الاستدامة وإعادة التدوير ما أمكن. إحدى مهامّ المنشآت التي تودّ المحافظة على تصميمها الحالي وأثاثها ترتبط بدراسة مساحة العمل الجماعي الحالية وكيف يمكن تحسينها.
على سبيل المثال بدلًا من غرف الاجتماعات بطاولاتها الضخمة الثقيلة والشاشات الصغيرة في إحدى زوايا المكان يمكن استبدالها بغرف اجتماعات بطاولات أكثر مرونة وأقل حجمها مع إتاحة الوقوف والحركة والتواصل عن بعد من خلال إضافة شاشات كبيرة متحركة. يمكن تحويل غرف الاجتماعات المرنة هذه إلى صالات لتناول الغداء، أو القراءة أو ممارسة الرياضة!
لدينا اليوم عدة نماذج من العمل بناء على ما مررنا به في السنوات الماضية. هذا النموذج الهجين سنشهده في كثير من المنشآت، وعلى هذا الأساس يمكن تصميم المكاتب وتجهيزها.
لدينا الموظف الذي يعمل عدة ساعات في الأسبوع ويتواجد في مكان العمل فقط لاجتماعات سريعة، وهكذا لا يحتاج لمكتب مخصص طوال الوقت. موظف آخر يتواجد بشكل يومي ويتطلب عمله عدة تقنيات وأجهزة ومساحة مناسبة، هذا الموظف سيحتاج لتصميم مناسب ومختلف يتفق مع احتياجاته. هذه التفاصيل تعيدنا للنقطة السابقة التي استعرضناها في هذه التدوينة والتي ترتبط بالاستماع للموظفين وإشراكهم في عملية التصميم والتأثيث.
كانت الفترة الماضية نقطة تحول لكثير من المنشآت، وعلى الرغم من الخسائر والصعوبات التي واجهتها إلا أنّ تلك التغييرات ساهمت في تحسين فهم العمل والموظفين والمساحة التي يشغلونها.
لقد تكيفت مع هذا التغيير ونجحت عندما كان التركيز في إعادة التهيئة مرتبط بالكفاءة، والفعالية، والتواصل بين الأفراد وهذا ما نسميه ثلاثي الإنتاجية الناجحة. إذا كانت هذه الركائز حاضرة في عملية التصميم والتأثيث ستحصل المنشآت على أماكن عمل أكثر مرونة وتكيفًا واستدامه في مواجهة التغييرات.